اللجوء

  • من قصص اللجوء السوري: أنا السوري اللاجئ في لبنان

    اللاجئ السوري في لبنان عبدالله الطويل

    أقف على جانب الطريق المؤدي إلى المدينة وأمنح نفسي حفاوة اختيار سيارة الأجرة التي سأستقلها.. أحدق في وجوه السائقين والركاب قبل أن أختار إحدى السيارات لا على التعيين. عندما يصيبني الملل من الانتظار أو عندما أشعر أن الوقت بدأ يداهمني.. أصعد وأومئ برأسي ببساطة، فهنا لست في سوريا ولست مضطراً لإلقاء التحية…

    تحية تفضحني وقد تعرضني للابتزاز عندما يكتشف هذا السائق أني سوري الجنسية.. ببساطة أنا أمنح نفسي حرية الكلام في الوقت الذي أجده مناسباً، أي بعد دفع الأجرة المتعارف عليها وعندها سأكون قد فوتت الفرصة على السائق المتحاذق. وبعدها سأنهي الرحلة معه بعبارة الانتصار المشفرة (ع اليمين معلم) أو (ع رياحتك اخي). وعندها سأنظر نظرة قناص أخيرة إلى وجه ذلك الرجل الذي فوت فرصة استغلال معاناتي اليومية.

    لم أنم جيداً البارحة وأنا أستعرض السيناريوهات المفترضة لعملية استلام المساعدة الغذائية من أحد فاعلي الخير. الذي أرسل لي مشكورا” رسالة نصية تبلغني بوجوب حضوري في الساعة التاسعة إلى المكان الفلاني مصطحباً هاتفي لأثبت أني متلقي الرسالة مع وثيقة تسجيلي في الأمم المتحدة. فحريتي الشخصية تحتم علي توقع بعض التصرفات وردود الأفعال المطروحة من قبلي، فالقضية أكبر من كونها تلقي معونة.

    تتقلب في ذاكرتي صورة تلك الصبية المتطوعة في إحدى المنظمات اﻹنسانية وهي تطلب مني ومن باقي الحضور الوقوف في صف أحادي منظم تسهيلاً للإجراءات ولعدم استهلاك المزيد من الوقت. فأجيب أنا “بنعم” بكل رحابة صدر، وأمضي بعيداً حاملاً على كتفي تلك السلة النموذجية.

    وأنا أخطو غريباً في حي أبي سمراء الطرابلسي متسائلاً عن العنوان المرفق بالرسالة تتشابه في ذاكرتي الشوارع والأرصفة. وتضيع معالم المكان في باحة أفكاري الخلفية، وكأنني أمشي في أحد أحياء مدينة حمص. ولكن لست أميز أحدها بالضبط، فأنا شاب قروي لا يهوى الأبنية المتزاحمة.. أحدق في ساعة يدي وأمضي بسرعة أكبر مقترباً من موعدي.

    ما كل هذه الزحمة؟ ولماذا كل هؤلاء الخلق هنا؟ رجال ونساء وأطفال وشيوخ وفوضى لجوء ووجوه متعبة بأعين شاردة، وبين الهسهسات أسمع صوت امرأتين تتحاوران بشفافية: (لماذا نأتي من الساعة السابعة إن كان الشيخ لم يأت بعد، وفي هذا البرد القارس نترك أطفالنا؟!). وذاك الرجل العجوز المستند بكل ثقله إلى نصف جدار ممسكاً بيده عقب سيجارة عربية توشك على الانتهاء. بينما يلعب بعض الأطفال الإصدار الجديد من عسكر وحرامية (جيش حر وشبيحة).

    منحت نفسي الحرية مجدداً باختيار مكان وقوفي متجنباً الحديث مع الكثير من الواقفين مثلي. ممن ينتمون إلى العديد من أطياف المجتمع السوري وكأنه مجلس شعب مصغر، ولكن لا ضرورة للخوض في الأحاديث الجانبية.. وما هي إلا لحظات حتى ارتفع ذلك الصوت الجهوري منادياً الجميع بضرورة الاصطفاف في طابورين منفصلين للرجال والنساء كل على حدى، فاخترت مكاني غير المتقدم واللامتاخر مانحاً نفسي أفضلية تقييم الوضع الحالي.

    أنا في العادة أكره الضجيج والصراخ في هكذا مناسبات، وأحب الهدوء والسلاسة في سير الإجراءات، فكلنا نعرف مايجب علينا فعله.. لذا دعونا ننهي ما اجتمعنا لأجله بأقل تعب؛ ومع ذلك كان لابد لي من استحضار ما يشجعني على الصمود مع تهافت الناس باتجاه النافذة لذلك علي العودة إلى المنزل محملاً بالمعونة أو أن أستعد لتلقي اللوم على عدم الحصول على ماهو في النهاية من حقي.

    دخل الشيخ إلى كشك التوزيع وبدأ بإذاعة الأسماء وفق الترتيب الأبجدي وبدأت المعمعة وتعالت القرقعة والتف بعض المقربين حول الرجل وبدؤوا بتسهيل تسليم المعونة إلى البعض؛ بينما أقف مراقباً مع جمهور الغرباء الواقفين خلفي، ومضى الوقت سريعاً في تفاصيل القضية واقترب دوري فاقتربت، ودنا سعدي فدنوت، ولكن كان الجواب قاسياً (لا اسم لك عندي)، فسكت.. ولكن هذه رسالتكم عندي وفيها الموعد والعنوان!، فقال: لقد أرسلها رجل غيري ويبدو أنه أحد أقاربك ممن يقطنون الحي أحب أن يلهو معك قليلاً.. وكان الجواب أني لا أعرف أحداً في هذا الحي وهذه المرة الأولى التي أقصدكم فيها.. فأجابني: كلكم تقولون هذا مع أنكم في كل مرة تأتون إلى هنا وتزاحمون الناس بلا طائل وأنا صاحب أمانة لا أستطيع إلا أن أوصلها إلى مستحقيها !!!…

    لم يملك الرجل الواقف أمامي الا أن يغادر النافذة بعد هذا الحوار الجامد متأففاً مخذولاً وكان علي الاختيار سريعاً، فأنا لن أرغب أن أكون مكان هذا الرجل في هذا الموقف المحرج أبداً لذا سأنسحب تلقائياً متجنبا” الخوض في حديث كهذا، وسأدعي أني أخطأت العنوان كالعادة ولم أصل إلى مكان المساعدة إلا متاخراً، وسأعطي نفسي الحرية مجدداً في اختيار التوقيت المناسب للانسحاب، فهذه ليست المرة الأولى التي أتخلى فيها عما احتاجه مقابل كرامتي فليس بالخبز وحده يحيا اﻹنسان .

    أنا السوري عبد الله الطويل

    اللاجئ السوري عبدالله الطويل

    أما عن هويتي … فهي سورية


    الرابط القصير: https://toleranceforsyria.org/?p=1362

    نقلًا عن موقع أنا انسان

  • المرأة السورية، قصص نجاح في بلاد اللجوء

    المرأة السورية، قصص نجاح

    منذ إجبار الظروف لها على الخروج من بلادها واللجوء إلى دول أكثر أمناً للبحث عن مستقبل أفضل لها ولعائلتها، لم تتوقف المرأة السورية عن السعي جاهدة لتحسين وضعها المعيشي والوقوف جنباً إلى جنب مع زوجها وإثبات نفسها في المجتمع وتحدي الصعاب ومجابهتها بكل ما أوتيت من قوى.

    وخلال السنوات الفائتة كان هناك الكثير من النساء اللواتي أثبتن جدارتهن ونجحن في مجالات عدة، كما هو حال العديد من السيدات اللواتي اخترن التوجه إلى مصر، ومع مرور الوقت رأين أن هناك حاجة كبيرة لانخراطهن في سوق العمل من أجل تأمين احتياجاتهن الشخصية ومساعدة أزواجهن وملئ الفراغ الذي يعيشونه بعيداً عن الأهل والأقارب.

    هؤلاء النساء واجهن صعوبات عدة، أبرزها عدم تقبل المجتمع السوري في بلاد اللجوء لعملهن خاصة أنهن خارج البلاد، والخوف من الخروج والانخراط في المجتمع الجديد الذي لا يعرفون عنه أي شيء، وقلة فرص العمل ما دفع العديد منهن لإطلاق مشاريع صغيرة من منازلهم تؤمن لهن دخل لا بأس به.

    الإصرار على إكمال التعليم

    تقول “آلاء” وهي لاجئة من ريف دمشق (28 عاما)، إنها خرجت من سوريا حاصلة على شهادة الثانوية العامة فقط، وبعد وصولها إلى مصر حاولت إتمام دراستها ولكن زوجها وعائلتها رفضن في البداية بسبب الوضع المادي وظروف اللجوء ما دفعها للتمسك بفكرتها أكثر فأكثر، فهي تريد أن تكمل تعليمها الجامعي من أجل إيجاد فرصة عمل لتحسين وضعهم المعيشي، فراتب زوجها لا يكفي لتأمين كافة الاحتياجات.

    وتضيف: “وبعد إصرار كبير ومحاولات إقناع مستمرة لزوجي تمكنت من دخول الجامعة، وتحديداً قسم اللغة العربية وتخرجت بتقدير جيد، وفورا التحقت بمهنة التدريس ومع مرور الوقت بات لي اسم جيد جداً واستطعت إثبات نفسي، وضربت عصفورين بحجر واحد؛ الأول تحسين وضعنا المادي، والثاني تحقيق إنجاز لنفسي في هذه الحياة، ولم أعد أحتاج لمدرسين من أجل متابعة أطفالي بالمنزل، فأصبحت أنا الأم والمعلمة “.

    وعن الصعوبات التي واجهتها، قالت: “أبرزها معارضة زوجها لها في البداية، وحاجة أطفالها لها عند ذهابها إلى الجامعة، ولكن كل شيء مضى وباتت الأمور بخير لاحقاً”.

    الصعوبات نفسها عاشتها “لانا”، والتي استغرقت عملية اقناع زوجها لكي تتوظف في إحدى المدارس السورية عاماً كاملاً، فهي لم تكن تريد المال فقط وإنما الخروج بطفلتيها والتي تعاني إحداهما من وضع صحي خاص وتأخر في النمو.

    وتقول :”كنت أود العمل حتى أخرج من المنزل، فلا يوجد لي أي أقرباء في المنطقة التي أقيم فيها، وأحسست في إحدى الفترات أني أنا وطفلتي سنفقد القدرة على التواصل الاجتماعي مع الناس، وأنا حالياً سعيدة جداً في عملي واستطعت وضع بصمة لي في مجال الإشراف الذي أعمل به في إحدى المدارس”.

    أما “عبير” من ريف دمشق والتي تطمح أن تكمل دراستها الجامعية، وقد تركتها بسبب الظروف الأمنية في سوريا لتتزوج وتنجب طفلين، تقول إن رغبتها الكبيرة في إتمام الدراسة دفعتها لإطلاق مشروع خاص بها عبر منصات التواصل الاجتماعي.

    وتحدثنا عن مشروعها بأنها بدأت بشراء الثياب وبيعها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، حيث واجهتها الكثير من المشاكل في البداية؛ أولها نظرة الأصدقاء لها بأن هذا العمل لا يناسبها، وثانيا صعوبة التعامل مع الزبائن، وعدم انطلاق المشروع في البداية بشكل جيد.

    وتتابع: “ولكن صبرت لأشهر وبدأ المشروع ينطلق ويؤمن لي مردود مادي جيد، وأطمح أنه مع مرور الوقت سيكون هذا المدخول المادي أفضل وأستطيع إتمام دراستي خاصة أنني لست مرتبطة بأحد وأستطيع الرد على الزبائن في الوقت المناسب لي”.

    من جهتها أطلقت “رشا” لاجئة من العاصمة دمشق (26 عاما) مشروعاً لبيع الأطعمة السورية والذي بدأته في يناير العام 2019، وذلك بسبب شغفها الكبير في إعداد الأطعمة والحلويات فهي تنظر للأمر من ناحية فنية.

    ولم تواجه رشا أية صعوبات خلال عملها، وتطمح مع مرور الوقت لأن تفتح مطعم خاص للنساء، وقد وجهت رسالة للنساء قائلة: “أود أن أقول للمرأة من داخل بيتك تستطيعين صنع المعجزات لأن لديك قوة خارقة وجبارة وتستطيعين التفوق والتميز ولا يوجد شيء مستحيل”.

    رشا واحدة من الكثير من النساء السوريات التي توجهن لمجال صناعة وبيع الأطعمة السورية المرغوبة بشكل كبير في مصر، والتي يحبها الشارع المصري كما السوري ويطلبونها بشكل دائم.

    وليست هذه المجالات الوحيدة التي عملت فيهن النساء السوريات في مصر فقط، فالأمثلة كثيرة جداً، وهناك سيدات فتحن محال في مجال الخياطة وإصلاح قطع الثياب القديمة، كما توجهن البعض منهن لفتح صالونات في مجال الحلاقة النسائية، وأخريات لفتح محال بيع الألبسة النسائية وتأجيرها والأطفال والأدوات المنزلية وغيرها،كما امتهنت نساء التصوير وخضعن لدورات به وأصبح اسمهن لامعا في الأفراح المحلية.

    ورغم قساوة الظروف إلا أن المرأة السورية أبت إلا أن تعيش بكرامتها، وأن تقف جنباً إلى جنب مع زوجها، وأن تساعده لتجاوز ظروف اللجوء الصعبة، وأن تتمسك بالحياة ما استطاعت إليها سبيلا من أجل تأمين مستقبل جيد لأطفالها بعيداً عن آلة القصف والدمار والخوف

    الرابط المختصر: https://toleranceforsyria.org/?p=1226

    المصدر: موقع أنا إنسان

زر الذهاب إلى الأعلى